الاهداء
لأمي و لكل أم حاولت حماية صغارها و لو باتخاذ أصعب القرارات
لأبي وكل أب ضحى من أجل كسب لقمة العيش
لريمي لربنزل لكل من أضلمت الدنيا في أعينهم بدون عائلاتهم ولكن خاضوا التحديات




لقد شاركت بهذه القصة في الوطني للأدب بتونس 2019 و تم قبولي

كان يوما شتويا باردا كادت فيه الرّياح تقتلع سقوف البيوت. مرّت ذكريات حنين كالشريط السريع ينافس هبوب الريح وهي تنظر إلى النافذة متحسّرة وقلبها في غمة و أسى. كانت فتاة ضامرة الجسد شعرها برتقالي مجدول جديلة تتراقص على ظهرها. عيناها زرقاوان متلألئتان كالبحر حين تداعبه الشّمس تتقدان ذكاء و نشاطا. بشرتها بيضاء ناصعة كلؤلؤة و قد زيّن النمش وجنتيها
كانت قليلة الكلام دائمة الشرود فلقد تركتها أمّها في قرية الأيتام بمنزل بورقيبة منذ موت والدها في إحدى المعارك فقد كان مكافحا للمستعمرين الفرنسيين. فلم تجد والدتها حلا لحمايتها من هذه الحرب إلاّ بتركها في هذا المكان الموحش. فترعرعت البنت مهمومة مغمومة فهي اشتاقت إلى دفء حضن أمها كما ملّت البقاء في هذا المكان الجامد لقد كانت فيه الأيام طويلة عسيرة نقطت من أيد الزمن قطرة قطرة ، وظلّ بذلك خيط الحياة مشدودا على وتيرة واحدة حتى ظنّت الفتاة أن الفلك تسمّر وأنه لا يدور .إنها رزئت حضن أمها و لكنها لم تصغر عن ذلّها و بقيت تترقّب وتترج نهاية الحرب. فتراها أحيانا تتمتم كتب :عليّ الافتراق عن أمي؟ أكتب علي البقاء هنا




وفي إحدى الليالي بينما كان المشرف على المقيمين يرهف السمع إلى الراديو ،فوجئ بطرق على باب مؤسسته إذ به جندي آمرا بصرامة :" ابتعدوا عن هذه المنطقة فهي مهدّدة بالقصف فاذهبوا إلى مكان آمن ." شكره المربي ولكن انتاب ملأ من الأطفال وباقي المربين الوجل فأخذ الأطفال ينحبون أما البقية فكظموا حزنهم ثم طفقوا يحفّزون الأطفال على جمع أدباشهم والخروج.
اغتنمت الفتاة الفرصة فقد عيل صبرها واتخذت قرارا لن يثنيها عنه شيء. لقد عقدت العزم على العودة إلى أمّها لقد كلّت الفرار من دمار الحرب . وقد تشجّعت عندأمّها لقد كلّت الفرار من دمار الحرب . وقد تشجّعت عند تذكّرها قصة ريمي التي طالعتها في مكتبة المؤسسة التي أحدثت للترويح عن الأطفال. حملت أدباشها وارتدت غطاء الليل فارّة من قسوة الزمان إلى حضن أمها. واختفت عن عيون لداتها وارتقت مركبا مهملا قد احتل الصدأ
واختفت عن عيون لداتها وارتقت مركبا مهملا قد احتل الصدأ جوانبه ملأته بنزينا كانت قد اشترته بآخر ما تبقى لها من نقود ثم أبعدته عن الضفاف وقادته نحو الشرق إلى قريتها منزل عبد الرحمان.
كانت هذه المغامرة محيّرة فالسماء حينها متلبّدة بالغيوم و على صفحتها الدكناء وميض خاطف كنذير شؤم ،و الرعد مقهقه هادركأنه يحطّم بقوّة لا مثيل لها صفحة السماء، فتنهمر الأمطار جامحة غضوبا كأن حبّاتها قد أزمعت ثقب وجه الأرض. و من صوب القارب جبال من الأمواج الطاغية كما تهب ريح عاتية تنثر رذاذ الموج فتصبح الفتاة واهنة على مواصلة مشوارها.













و لكن عندما تتذكر فيض حنان أمها تقدم على الأمواج بكل شجاعة لتشقّ عبابها. فكان القارب يهتز من كل صوب كاللّعبة في يدي صبيّ عابث. ولكنها استعانت بالمجدافين فتصعد عليها و تقهرها بدون يأس فتتهلل أساريرها .ولكن ياللخيبة انقلب القارب بسبب قصف حاول استهدافها ظنّ الفرنسيون أنها أحد الثوار الفارّين، فتهشّم القارب و تمسّكت حنين بأحد أخشابه وسلّمت أمرها لله
استفاقت فجرا عند أحد الشواطئ مدينة جرزونة فأخذت تتمشى على الرمل تتحسّس نعومته و تتأمّل البحر الزاخر و الأمواج المتلاطمة فتحدث موسيقى جميلة. بينما كانت النوارس البيضاء تملأ السّماء صياحا وهي ترفل بأجنحتها. أمّا الأسماك الفضية فكانت تتخبّط بين الماء و الهواء. الشّمس برتقالية يحيط بها شفق أحمر فتراءت للفتاة في تلك اللحظة أمها تركض نحوها لتعانقها .
. لم تبتهج حنين فلقد عزمت على اجتياز "سعدة الشرف" لقد كان ذلك المكان يعجّ بالأخطار فعبوره مترجّلة ليس هيّنا ولكن لا مفرّ لها فأخذت تحث الخطى و مع اقترابها من تلك المنطقة بوغتت بجندي قائلا لها بصوت أجش:
من أنت و ماذا تريدين ؟
فتصنّعت البكاء وقالت:
ـ أنا ذاهبة لجمع بعض الخضر من الحقول وسأعود لبيتي
فتّشوها تفتيشا دقيقا. أرادت الجري ولكن خافت لفت الأنظار. و اختفت بين الأشباح البيضاء وقد افتر ثغرها بعد أن تجاوزت تلك الهضبة. و ما هي إلا دقائق من المشي حتى حوصرت من كل الجهات
الخيول فبادرها جنديّ
تلقينا أمرا بسجن كل من يمرّ بنا
و ما ذنبي؟
إنه قرار المعسكر وهو نافذ
- Full access to our public library
- Save favorite books
- Interact with authors
الاهداء
لأمي و لكل أم حاولت حماية صغارها و لو باتخاذ أصعب القرارات
لأبي وكل أب ضحى من أجل كسب لقمة العيش
لريمي لربنزل لكل من أضلمت الدنيا في أعينهم بدون عائلاتهم ولكن خاضوا التحديات




لقد شاركت بهذه القصة في الوطني للأدب بتونس 2019 و تم قبولي

كان يوما شتويا باردا كادت فيه الرّياح تقتلع سقوف البيوت. مرّت ذكريات حنين كالشريط السريع ينافس هبوب الريح وهي تنظر إلى النافذة متحسّرة وقلبها في غمة و أسى. كانت فتاة ضامرة الجسد شعرها برتقالي مجدول جديلة تتراقص على ظهرها. عيناها زرقاوان متلألئتان كالبحر حين تداعبه الشّمس تتقدان ذكاء و نشاطا. بشرتها بيضاء ناصعة كلؤلؤة و قد زيّن النمش وجنتيها
كانت قليلة الكلام دائمة الشرود فلقد تركتها أمّها في قرية الأيتام بمنزل بورقيبة منذ موت والدها في إحدى المعارك فقد كان مكافحا للمستعمرين الفرنسيين. فلم تجد والدتها حلا لحمايتها من هذه الحرب إلاّ بتركها في هذا المكان الموحش. فترعرعت البنت مهمومة مغمومة فهي اشتاقت إلى دفء حضن أمها كما ملّت البقاء في هذا المكان الجامد لقد كانت فيه الأيام طويلة عسيرة نقطت من أيد الزمن قطرة قطرة ، وظلّ بذلك خيط الحياة مشدودا على وتيرة واحدة حتى ظنّت الفتاة أن الفلك تسمّر وأنه لا يدور .إنها رزئت حضن أمها و لكنها لم تصغر عن ذلّها و بقيت تترقّب وتترج نهاية الحرب. فتراها أحيانا تتمتم كتب :عليّ الافتراق عن أمي؟ أكتب علي البقاء هنا




- < BEGINNING
- END >
-
DOWNLOAD
-
LIKE
-
COMMENT(1)
-
SHARE
-
SAVE
-
BUY THIS BOOK
(from $4.19+) -
BUY THIS BOOK
(from $4.19+) - DOWNLOAD
- LIKE
- COMMENT (1)
- SHARE
- SAVE
- Report
-
BUY
-
LIKE
-
COMMENT(1)
-
SHARE
- Excessive Violence
- Harassment
- Offensive Pictures
- Spelling & Grammar Errors
- Unfinished
- Other Problem
COMMENTS
Click 'X' to report any negative comments. Thanks!